قصص وعبر| بائعة المناديل.. و«قضية شرف»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

من أشد الأمور إيلاما هو تعرض المرء للخيانة والغدر من أشخاص أو زوجة وثق بها وائتمنها على نفسه، بعدما كان يحلم ويؤمن بأن الحب كالزهرة المتفتحة، والوفاء كقطرات الندى عليها، وأن الحب كالقمر عندما يكون بدرا، لكنه لم يعلم بأنه الكسوف هو نهايته عندما يلاقي الغدر والخيانة فيكون بمثابة حذاء بغيض يسحق زهرة أسفل نعليه.

 

السطور التالية تروي حكاية بائعة المناديل التي تركت قريتها هربا من عائلتها وتوجهت إلى القاهرة، ولم تكن تعلم بأنها ستلقي مصرعها على يد زوجها الذي لمعت عيناه وخفق قلبه بحبها، عندما شاهدها تجوب بين السيارات في إشارات المرور لبيع المناديل الورقية، لكسب قوت يومها، وما إن أضاءت الإشارة الخضراء تهرول مسرعة تفترش قطعة من الكارتون لتأخذ قسطا من الراحة والعودة مرة أخرى.

 

أخذ يراقبها عن كثب لعدة أيام يحلم بالزواج منها فهي امرأة نشيطة وتسعى للرزق الحلال، اقترب منها وعرض عليها الزواج حيث يمكث بمفرده بعد وفاة والدته وزواج أبيه من أخرى، وصارحها بإعجابه بها وقلبه الذي يزخر بالحب ويريد أن تكون زوجته وانتشالها من إشارات المرور، صارحته بأنها مطلقة ولم تتحمل العيش مع طليقها فتركت له المنزل وفضلت بيع المناديل في إشارات المرور.

 

تعددت اللقاءات بينهما، وترددت على منزله مرتدية النقاب مما أثار غضب الجيران، وطالبوه بالزواج منها، وبالفعل تزوجا لكن كان زواجا عرفيا.


اعتقد الزوج أن الدنيا فتحت ذراعيها له، ومرت الأيام حيث اعتاد العودة من عمله فلم يجدها، وبأسلوب ماكر تخبره بأنها تخرج لبيع المناديل كي تساعده على المعيشة، ونجحت في إقناعه بوقوفها بجانبه، لم يتحمل الزوج عودتها في وقت متأخر من الليل وسيطرت عليه حالة من الشك، وطلب منها عدم الخروج دون إذنه، ونشبت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى الاعتداء عليها بالضرب.

 

وفي أحد الأيام عاد الزوج من عمله، فلم يجدها، قتله الانتظار، ومر الوقت عليه كالدهر متوعدا حضورها، وما إن أشارت الساعة إلى الواحدة ليلا، انتفض من فوق مقعده، على صوت باب الشقة أثناء غلقها له، وبنظرات يشوبها غيظ وحنق، أحكم قبضته على خصلات شعر رأسها وجذبها بقوة يعنفها لعدم إطاعة أوامره والتنبيه عليها بعدم الخروج، وفجأة جحظت عيناه وانطلق منهما الشرر، وتقطعت أنفاسه، وتتضاعف دقات قلبه، وترتعد فرائصه عندما أخبرته بأنها كانت برفقة طليقها وعلى علاقة به، لم يشعر الزوج بنفسه وغلي الدم في عروقه ساخنا مجنونا، وأمسك بعصا خشبية "شومة" وسدد لها الضربات فوق رأسها الذي انفجرت منه الدماء، يجول بخاطره خيانتها له واعترافها بكل بساطة مما اعتبره إهدارا لكرامته وتقليلا من رجولته، فأخذ يزداد شراسة ويكيل لها الضربات في جميع أنحاء جسدها، تنطلق صرخاتها المدوية تشق صمت الليل، ولم بتركها إلا وهي جثة هامدة.

 

تجمع الجيران الذين تعالت وتعاظمت الدهشة على وجوههم من هول المشهد، وحاول البعض التدخل لإنقاذها من بين براثنه إلا أنه وقف لهم بالمرصاد، ورفض دخول أي منهم ويردد قائلا: "مراتي وانا حر فيها".

 

وطالبهم بالاتصال بالشرطة، وجلس القرفصاء بجوار جثتها ينفث دخان سيجارته المشتعلة انتقاما لشرفه وعرضه الذي دنسته.

وأمام المقدم أحمد سعيد رئيس مباحث قسم شرطة السيدة زينب اعترف الزوج بجريمته، وذكر في أقواله: "بأنه فور سؤال زوجته عن سبب تأخيرها والعودة في وقت متأخر، فوجئ بها تخبره بأنها كانت برفقة طليقها، وأنها على علاقة به، فلم يشعر بنفسه وانهال عليها بالضرب بالشومة، إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة.. وبصوت يشوبه حدة وغيظ قال أيضا.. " دي كان لازم تموت لأنها خاينة، وأنا انتقمت لشرفي".

تم إحالة الزوج المتهم إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة بائعة المناديل، بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس الزوج ٤ أيام على ذمة التحقيقات